د.أنوار عبد الله أبو خالد
سأحكي لكم اليوم قصة ليست من التراث الصيني ولا من التراث الهندي ، إنها قصة من حاضر الحضارة الغربية ، وقعت احداثها امامي قبيل عشر سنوات ، حينما كنت انهي مرحلة الدكتوراة مع زوجي في الولايات المتحدة الامريكية .. ابتدأت القصة عندما زارتني قريبتي سارة ، فخرجت معها الى احدى المتنزهات القريبة ، وجلسنا معا على كرسي قريب من ملاعب الاطفال لنرمقهم من بعيد ونتجاذب اطراف الحديث ...
**** كانت قريبتي معجبة جدا بطريقة الامهات الامريكيات في العناية باطفالهن والتفرغ لتعليمهم وتسليتهم وتثقيفهم بانفسهن ، دون الاتكال على الخادمة او السائق كما هي الحال عندنا ، وكانت تدلل على كلامها بأم ثلاثينية كنا نشاهدها من بعيد وهي جالسة على كرسي الحديقة ، وفي يدها اليمنى كتاب تقرأه ، ويدها اليسرى مشغولة بفرك ظهر كلبها الذي شاطرها ذلك الكرسي ، وترعى من بعيد طفلها الذي لم يتعد سنته الخامسة ...
**** كانت قريبتي تتحدث وانا اكتفي بالسماع لها ، واكرر عليها كلمة (لا تنخدعي بالمظاهر )، انشغل ذهني بمراقبة تلك ( الامريكية المثال) ، فرأيتها من بعيد وهي تربت على كلبها اكثر مما تربت على طفلها ، وتمسح على رأس كلبها وتناغيه اكثر مما تفعله مع طفلها ، سمعتها تنادي كلبها باسم الدلع المصغر ، وتنادي طفلها بيا ايها الطفل ، وعندما حان موعد الغداء فتحت علبة الغداء لكلبها اولا ، وبعد ذلك نادت على طفلها واعطته شطيرة ليأكلها ، وقالت له محذرة ( اسمع ياولد انا لست امزح ، ان وقعت منك الشطيرة على الارض ثم اخذتها من الارض واكلتها فسوف اعاقبك سوف املأ فمك ترابا ، انا اعني ما اقوله ، هل تفهمني !!) كان صوت الام جهوريا ، وكان تهديدها مخيفا ، وكانت لكنتها جادة ..
**** عندما رأيت كل هذا وسمعته ، علمت ان شيئا ماسوف يحدث ، واحسست بتيارات سلبية تملأ المكان ، كان الطفل يمسك شطيرته بيده ويجري هنا وهناك ، والام تتربص به وتقول له ( انتبه ) ، ولكن امر الله وقع ، ووقعت الشطيرة على الارض ، وسارع الطفل بأخذها من على الارض وادخلها في فمه ، وبطريقة آلية التفتّ الى الام انظر اليها ، فاذا بها تقوم من مكانها والشرر يتطاير من عينيها ، ولسانها يرمي بكلمات السباب ، توقعت ان تشده مع اذنه ، او تصفعه على قفاه ، ولكني رأيت شيئاً آخر !!
**** ذهبت الأم الى طفلها غاضبة ومسكت فمه ثم فتحته عنوة ، واخذت بيدها الاخرى كومة من تراب الملعب وحثته في فمه وهي تقول ( ذق !! هل يعجبك طعم التراب والامراض ؟؟) ،وبدأ الطفل يصرخ ويبصق التراب من فمه ، استبد بي الغضب وجريت اليها ، أعاتبها على صنيعها الاحمق امام الجميع ، ظننت انها ليست امه لان هذا العمل لا يصدر الا عن مربية مستأجرة ولايمكن ان يصدر عن ام عاقلة ، فقالت لي ( لا تتدخلي ، عودي الى بلدك ، واتركيني اربي ابني بالطريقة المناسبة ) عندها قررت فاتصلت بالشرطة ، التي سرعان ماتواجدت ، وشهدت على عملها جميع الامهات اللاتي شاهدن صنيعها الغبي ... ولا ادري ماذا تم في القضية ، لاني انصرفت سريعا قبل حلول الظلام .
.
**** رجعنا الى البيت وقد خيم الصمت على الجميع ، حتى سارة سكتت طويلا قبل ان تقول ( صدقت ، يجب الا ننخدع بالمظاهر) ، قلت لها : نحن على الاقل ننطلق في تربيتنا لاطفالنا من منطلق ديني ، نرجو به الاجر من الله ، ونحتسب الخير بإيجاد لبنات صالحات وغراس طيب ، يرفع شأن الامة ويعزها ، ويرفع عنها الجهل ويجعلها في مصاف الامم المتقدمة ..والحديث لا ينتهي ..
منقــــــــــــول
سأحكي لكم اليوم قصة ليست من التراث الصيني ولا من التراث الهندي ، إنها قصة من حاضر الحضارة الغربية ، وقعت احداثها امامي قبيل عشر سنوات ، حينما كنت انهي مرحلة الدكتوراة مع زوجي في الولايات المتحدة الامريكية .. ابتدأت القصة عندما زارتني قريبتي سارة ، فخرجت معها الى احدى المتنزهات القريبة ، وجلسنا معا على كرسي قريب من ملاعب الاطفال لنرمقهم من بعيد ونتجاذب اطراف الحديث ...
**** كانت قريبتي معجبة جدا بطريقة الامهات الامريكيات في العناية باطفالهن والتفرغ لتعليمهم وتسليتهم وتثقيفهم بانفسهن ، دون الاتكال على الخادمة او السائق كما هي الحال عندنا ، وكانت تدلل على كلامها بأم ثلاثينية كنا نشاهدها من بعيد وهي جالسة على كرسي الحديقة ، وفي يدها اليمنى كتاب تقرأه ، ويدها اليسرى مشغولة بفرك ظهر كلبها الذي شاطرها ذلك الكرسي ، وترعى من بعيد طفلها الذي لم يتعد سنته الخامسة ...
**** كانت قريبتي تتحدث وانا اكتفي بالسماع لها ، واكرر عليها كلمة (لا تنخدعي بالمظاهر )، انشغل ذهني بمراقبة تلك ( الامريكية المثال) ، فرأيتها من بعيد وهي تربت على كلبها اكثر مما تربت على طفلها ، وتمسح على رأس كلبها وتناغيه اكثر مما تفعله مع طفلها ، سمعتها تنادي كلبها باسم الدلع المصغر ، وتنادي طفلها بيا ايها الطفل ، وعندما حان موعد الغداء فتحت علبة الغداء لكلبها اولا ، وبعد ذلك نادت على طفلها واعطته شطيرة ليأكلها ، وقالت له محذرة ( اسمع ياولد انا لست امزح ، ان وقعت منك الشطيرة على الارض ثم اخذتها من الارض واكلتها فسوف اعاقبك سوف املأ فمك ترابا ، انا اعني ما اقوله ، هل تفهمني !!) كان صوت الام جهوريا ، وكان تهديدها مخيفا ، وكانت لكنتها جادة ..
**** عندما رأيت كل هذا وسمعته ، علمت ان شيئا ماسوف يحدث ، واحسست بتيارات سلبية تملأ المكان ، كان الطفل يمسك شطيرته بيده ويجري هنا وهناك ، والام تتربص به وتقول له ( انتبه ) ، ولكن امر الله وقع ، ووقعت الشطيرة على الارض ، وسارع الطفل بأخذها من على الارض وادخلها في فمه ، وبطريقة آلية التفتّ الى الام انظر اليها ، فاذا بها تقوم من مكانها والشرر يتطاير من عينيها ، ولسانها يرمي بكلمات السباب ، توقعت ان تشده مع اذنه ، او تصفعه على قفاه ، ولكني رأيت شيئاً آخر !!
**** ذهبت الأم الى طفلها غاضبة ومسكت فمه ثم فتحته عنوة ، واخذت بيدها الاخرى كومة من تراب الملعب وحثته في فمه وهي تقول ( ذق !! هل يعجبك طعم التراب والامراض ؟؟) ،وبدأ الطفل يصرخ ويبصق التراب من فمه ، استبد بي الغضب وجريت اليها ، أعاتبها على صنيعها الاحمق امام الجميع ، ظننت انها ليست امه لان هذا العمل لا يصدر الا عن مربية مستأجرة ولايمكن ان يصدر عن ام عاقلة ، فقالت لي ( لا تتدخلي ، عودي الى بلدك ، واتركيني اربي ابني بالطريقة المناسبة ) عندها قررت فاتصلت بالشرطة ، التي سرعان ماتواجدت ، وشهدت على عملها جميع الامهات اللاتي شاهدن صنيعها الغبي ... ولا ادري ماذا تم في القضية ، لاني انصرفت سريعا قبل حلول الظلام .
.
**** رجعنا الى البيت وقد خيم الصمت على الجميع ، حتى سارة سكتت طويلا قبل ان تقول ( صدقت ، يجب الا ننخدع بالمظاهر) ، قلت لها : نحن على الاقل ننطلق في تربيتنا لاطفالنا من منطلق ديني ، نرجو به الاجر من الله ، ونحتسب الخير بإيجاد لبنات صالحات وغراس طيب ، يرفع شأن الامة ويعزها ، ويرفع عنها الجهل ويجعلها في مصاف الامم المتقدمة ..والحديث لا ينتهي ..
منقــــــــــــول